الحضارة
سبق وريادة وتجديد
اهتمت الدولة الإسلامية في عهد الخلافة الراشدة والأموية والعباسية بالعلوم والمدنية كما اهتمت بالنواحي الدينية فكانت الحضارة الإسلامية حضارة تمزج بين العقل والروح، فامتازت عن كثير من الحضارات السابقة. فالإسلام دينٌ عالمي يحض على طلب العلم وعمارة الأرض لتنهض أممه وشعوبه، وتنوعت مجالات الفنون والعلوم والعمارة طالما لا تخرج عن نطاق القواعد الإسلامية؛ لأن الحرية الفكرية كانت مقبولة تحت ظلال الإسلام، وامتدت هذه الحضارة القائمة بعدما أصبح لها مصارفها وروافدها لتشع على بلاد الغرب وطرقت أبوابه، وهذه البوابة تبرز إسهامات المسلمين في مجالات الحياة الإنسانية والاجتماعية والبيئية، خلال تاريخهم الطويل، وعصورهم المتلاحقة.
ملخص المقال
يُعدُّ البيمارستان الناصري الصلاحي أو بيمارستان صلاح الدين الأيوبي أشهر مستشفيات القاهرة، فما تاريخ إنشائه، وموقعه، وأطبائه، وتجهيزاته الطبية؟أهم مقتطفات المقال
لقد كانت الرعاية الطبية في البيمارستان حقًا للجميع على حد سواء، وكان المرضى يُفحصون بعنايةٍ كبيرة، وتُدوَّن أسماؤهم في سجلَّاتٍ خاصَّةٍ لمعرفة سير المرض فيهم ومتابعته يومًا بعد يوم، وكان يُقدَّم لهم الغذاء والدواء مجَّانًا، ويظلون تحت الرعاية حتى الشفاء التام، وعند المغادرة يُصرف لكلِّ واحدٍ منهم ثوبٌ وبعض المال ليقوم بنفقاتهم الضروريَّة في فترة النقاهة..
يُعدُّ البيمارستان الناصري أو الصلاحي أو بيمارستان صلاح الدين الأيوبي في القاهرة، واحدًا من أشهر البيمارستانات في تاريخ الحضارة الإسلامية، فماذا عن تاريخ إنشائه، وموقعه، وأطبائه، وتجهيزاته الطبية، وتاريخ التعليم الطبي فيه؟
نشأة البيمارستان الصلاحي
يعود نشأة البيمارستان الصلاحي أو الناصري إلى صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، وبالتحديد عَقِبَ قضائه على الحكم الفاطمي العبيدي في مصر، وعلى ما ذكر القلقشندي فإنَّه: "لمـَّا ملك السلطان صلاح الدين يوسف بن يوسف بن أيوب الديارَ المصريَّة سنة 567هـ=1171م واستولى على القصر قصر الفاطميين، كان في القصر قاعة بناها العزيز بالله في سنة 384هـ=994م فجعلها السلطان صلاح الدين بيمارستانًا، وهو البيمارستان العتيق داخل القصر، وهو باقٍ على هيئته إلى الآن -أي إلى زمن القلقشندي (ت 821هـ=1418م)، ويُقال: إنَّ فيها -أي القاعة- طلسمًا لا يدخلها نمل، وإنَّ ذلك هو السبب الموجب لجعلها بيمارستانًا".
وهناك سببٌ آخر لاختيار صلاح الدين قاعة هذا القصر للبيمارستان دون غيره؛ أنَّ القرآن كان مكتوبًا على حيطانها، قال ابن عبد الظاهر: "كان البيمارستان قاعةً بناها العزيز بالله سنة 384هـ 994م. وقيل: إنَّ القرآن مكتوب على حيطانها، ومن خواصِّها أنَّه لا يدخلها نملٌ لطلسمٍ بها، ولمـَّا قيل ذلك لصلاح الدين يوسف بن أيوب قال: هذا يصلح أن يكون بيمارستانًا، وسألت مباشريه عن ذلك فقالوا صحيح".
موقع بيمارستان الناصري الصلاحي
أنشأه السلطان صلاح الدين الأيوبي في القاهرة عام 567هـ=1171م، وكان يقع حيث يوجد الآن منزل الغمري الحصري، وكان بابه يفتح على حارة الملوخية التي كانت تُسمَّى قبل ذلك بحارة قائد القواد.
قال علي مبارك باشا: "لمـَّا تولى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب السلطنة وفرق أماكن قصر الخلافة على أمرائه ليسكنوا فيها، جعل موضعًا منها مارستانًا وهو المارستان المشهور بالعتيق، وجعل بابه من حارة ملوخية، وهي حارة قائد القواد قديمًا وموضعه الآن الدار المعروفة بدار غمري الحصري مع ما جاورها من الدور كما وجدنا ذلك في حجج الأملاك، وهو بآخر الحارة من جهة بابها الصغير الذي هو من جهة قصر الشوك، وأصل هذا الباب أحد أبواب القصر الكبير الشرقي، وكان يُسمَّى باب قصر الشوك ويدخل منه إلى البيمارستان العتيق".
تجهيزات البيمارستان
وبعد الانتهاء من إعداد البيمارستان استخدم السلطان صلاح الدين له أطباء وكحَّالين وجرَّاحين ومشرفًا وعاملًا وخدَّامًا ووجد الناس به رفقًا وبه نفعًا، وعيَّن قيِّمًا من أهل المعرفة وضع لديه خزائن العقاقير ومكَّنه من استعمال الأشربة وإقامتها على اختلاف أنواعها، ووضعت في مقصورات ذلك القصر أسِرَّة يتخذها المرضى مضاجع كاملة الكساء، ووضع بين يدي ذلك القيِّم خدمة يتكلَّفون بتفقُّد أحوال المرضى صباحًا ومساءً، فيُقابلون من الأغذية والأشربة بما يليق بهم، وبإزاء هذا الموضع موضع مقتطع للنساء المرضى ولهن -أيضًا- من يكفلهنَّ ويتصل بالموضعين المذكورين موضعٌ آخر متَّسع الفناء فيه مقصورات عليها شبابيك من الحديد اتخذت مجالس للمجانين، ولهم -أيضًا- من يتفقَّد في كلِّ يومٍ أحوالهم ويُقابلها بما يصلح لها، والسلطان يضطلع هذه الأحوال كلَّها بالبحث والسؤال، ويُؤكِّد في الاعتناء بها والمثابرة عليها غاية التأكيد.
موارد البيمارستان ومصروفاته
أمَّا موارد البيمارستان المخصَّصة للإنشاءات فكانت من ميزانيَّة الدولة؛ بينما مستلزمات البيمارستان بما فيها رواتب الأطباء والمساعدين والممرضين وصانعي الأسرَّة والخدم، فكانت تُدفع من الريع المخصَّص للبيمارستان، الذي أفرد له رسمًا من جملة الرباع الديوانيَّة، مشاهرة مبلغها مائتا دينار وغلَّات جهتها الفيوم، وأمَّا الخدمات الاستشفائيَّة فكانت مجانية.
قال القاضي الفاضل في متجدِّدات سنة 577هـ=1181م: "أمر السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بفتح مارستان للمرضى والضعفاء فاختير مكان بالقصر، وأفرد برسم من جملة الرباع الديوانيَّة مشاهرة مبلغها مائتا دينار وغلَّات جهتها الفيوم، واستخدم له أطباء وكحَّالين وجرائحيِّين وشارفًا وعاملًا وخدَّامًا ووجد الناس به رفقًا وبه نفعًا".
كما كان البيمارستان مموَّلًا من عائدات المؤسَّسات الخيريَّة والأوقاف، فكان الأغنياء ولا سيَّما الخلفاء والأمراء يُقدِّمون ملكيَّات كتبرُّعات يعود ريعها للبيمارستان وصيانته، وقد تشكَّلت هذه الهبات من دكاكين، ومطاحن، وخانات للقوافل، وحتى من قرى بأكملها. فكان إيراد هذه التبرُّعات يُستخدم لصيانة البيمارستان ولتغطية تكاليف عمله، وفي بعض الأحيان لتقديم مساعدة ماليَّة صغيرة للمرضى الذين فقدوا عملهم، وكان المسئولون على هذه الأوقاف والهبات يُسجِّلون كلَّ شيءٍ في سجلَّات خاصَّةً بما فيها رواتب الأطباء، وأثمان العقاقير، والآلات الطبيَّة.
البيمارستان العتيق
قال أبو السرور البكري في كلامه على البيمارستانات: "قصر أولاد الشيخ من جملة القصر الكبير وكان قاعةً فسكنها الوزير الصاحب معين الدين حسين بن شيخ الشيوخ صدر الدين بن حموية، في أيَّام الملك الصالح نجم الدين أيوب، فعُرف به المارستان العتيق". وقال علي مبارك باشا: "لمـَّا تولَّى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب السلطنة وفرَّق أماكن قصر الخلافة على أمرائه ليسكنوا فيها، جعل موضعًا منها مارستانًا وهو المارستان المشهور بالعتيق".
وصف البيمارستان الصلاحي الناصري بالقاهرة
قال ابن جبير الرحَّالة الأندلسي عند زيارته لمدينة القاهرة سنة 578هـ=1182م وذلك في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي: "وممَّا شاهدناه في مفاخر هذا السلطان، المارستان الذي بمدينة القاهرة وهو قصر من القصور الرائعة، حسنًا واتِّساعًا، أبرزه لهذه الفضيلة تأجرًا واحتسابًا، وعيَّن قيِّمًا من أهل المعرفة وضع لديه خزائن العقاقير، ومكَّنه من استعمال الأشربة وإقامتها على اختلاف أنواعها، ووُضِعَت في مقاضير ذلك القصر أَسِرَّةٌ يتَّخذها المرضى مضاجع كاملة الكسى، وبين يدي ذلك القيِّم خدمة يتكلَّفون بتفقُّد أحوال المرضى بكرةً وعشيَّة، فيُقابلون من الأغذية والأشربة بما يليق بهم، وبإزاء هذا الموضع موضعٌ مقتطعٌ للنساء المرضى، ولهن -أيضًا- من يكلفهن، ويتصل بالموضعين المذكورين موضعٌ آخر متَّسع الفناء فيه مقاصير عليها شبابيك من الحديد اتُّخذت مجالس للمجانين، ولهم -أيضًا- من يتفقد في كلِّ يومٍ أحوالهم ويُقابلها بما يصلح لها، والسلطان يتطلَّع هذه الأحوال كلها بالبحث والسؤال، ويُؤكد في الاعتناء بها والمثابرة عليها غاية التأكيد".
الإشراف الطبي
انتشرت إبَّان الفترة التي حكم فيها سلاطين الدولة الأيوبية ومن بعدهم المماليك العديد من المنتحلين لمهنة الطب، والمشعوذين والدجالين وأصحاب الأحاجي والطلاسم والتعاويذ، ممَّا كان له بالغ الأثر على مهنة الطب في ذلك الوقت، ومِنْ ثَمَّ كانت الحاجة إلى أن تكون هناك رئاسة للأطباء وأخرى للعشَّابين تُشرف على المهنة، ومَنْ كانت هذه الرئاسة تنتهي إليه في ذلك الوقت، يكون فيها رئيسًا على بيمارستانات ديار مصر والشام معًا، وفي عهد السلطان الملك العادل كلَّف الدخوار رياسة أطباء مصر بأسرها وأطباء الشام، وعهد إليه النظر في أمر الكحَّالين واعتبارهم، وأنَّ من يصلح منهم لمعالجة أمراض العين ويرتضيه يكتب له خطه بما يعرفه منه، ففعل ذلك.
وكان يُعاون رئيس الأطباء محتسبًا يُشرف على سير العمل، وكانت إحدى مهام المحتسب مراقبة الأسواق والمباني والخدمات العامَّة، تتمثَّل في منع عمليَّات الغشِّ عند صانعي العقاقير والأدوية والجراحين والأطباء، وكانت صلاحيَّاته تشمل مراقبة الأوزان والقياسات، والسهر على نظافة الشوارع، وإزالة البؤر غير الصحيَّة، والتزود بالماء.
الرعاية الطبية
لقد كانت الرعاية الطبية في البيمارستان حقًا للجميع على حد سواء، وكان المرضى يُفحصون بعنايةٍ كبيرة، وتُدوَّن أسماؤهم في سجلَّاتٍ خاصَّةٍ لمعرفة سير المرض فيهم ومتابعته يومًا بعد يوم، وكان يُقدَّم لهم الغذاء والدواء مجَّانًا، ويظلون تحت الرعاية حتى الشفاء التام، وعند المغادرة يُصرف لكلِّ واحدٍ منهم ثوبٌ وبعض المال ليقوم بنفقاتهم الضروريَّة في فترة النقاهة، كما توافرت كل أسباب الرفاهية في هذا البيمارستان من أسرَّة وثيرة ناعمة إلى حمَّامات فاخرة، بالإضافة إلى قاعات مخصَّصة للمكتبات، ويظهر مدى الترف الذي وصل إليه البيمارستان الناصري في ذلك الوقت ما جاء في رسالة أحد الصبيان إلى أبيه.
التعليم الطبي
كان التعليم الطبي في البيمارستان يعتمد بشكلٍ أساسيٍّ على تدريس العلوم السريريَّة، ولكن في عام رفع ابن جميع المصري -وكان من كبار الأطباء في البيمارستان- طلبًا إلى السلطان صلاح الدين يناشده فيها بتدريس مادة التشريح كمادَّة أساسيَّة مهمَّة وضروريَّة للطبيب والممارس، كما ناشد معلِّمي الطب أن يُكثروا من تدريب التلاميذ في البيمارستان، وألَّا يعتمدوا على المحاضرات النظريَّة فقط.
وقد اقترح ابن جميع بعض التدابير العمليَّة لإصلاح الوضع في التعليم الطبي في ذلك الوقت، وبين المتطلبات التي يجب أن يتمتَّع بها كلُّ طبيب صالح، فذكر: "ويحتاج إلى إحصاء أعضاء بدن الإنسان عضوًا عضوًا، والوقوف بالحس والمشاهدة على خواصِّ جوهر كلِّ واحدٍ منها من اللون والقوام ونحوهما، وعلى خلقته -أي شكله- وملاسته أو خشونته، وهل فيه تجويفٌ أو مجرى، وعلى ماذا يحتوي ذلك التجويف أو المجرى، وعلى مقدار عظمه وعدد أجزائه وحال كلِّ جزءٍ منها إن كانت له أجزاء، وعلى وضعه أي موضعه من البدن، وما بينه وبين غيره من الأعضاء الأخر من المشاركة والمواصلة، وعلى فعله ومنفعته أو منافعه التي لأجلها احتيج إليه، ومباشرة هذه الأشياء بالحس إنَّما تكون من جهة تشريح الأبدان البشريَّة، وتشريح هذه الأبدان ليس بالسهل الميسر في كل الأوقات وليس يكفي في الوقوف على هذه الأمور إلا بحيث تتقدمه رياضة كثيرة في تشريح حيوانات أخر من الحيوانات الشبيه في جل أعضائها بأعضاء الناس، مثل القرود، بين يدي المعلمين الحذاق فيه كما قد لخصه الفاضل جالينوس تلخيصا شافيًا".
وفي عهد السلطان قلاوون كانت مادَّة التشريح تُدرَّس في كلٍّ من البيمارستان الناصري والبيمارستان المنصوري على حدٍّ سواء، وكان ابن النفيس يعمل في كليهما ويُشرف على تدريس هذه المادة، ومن الكتب التي كان يدرسها ابن النفيس الجزء الخاص بالتشريح في كتاب القانون في الطب للشيخ ابن سينا، ثم قام ابن النفيس بعد ذلك باختصار الكتاب إلى مختصر القانون، وإلى شرح تشريح القانون ليكون مادَّةً سهلةً للطلاب الذين يقصدونه، ومن خلال ممارساته العمليَّة توصَّل ابن النفيس إلى اكتشاف الدورة الدموية الصغرى.
أطباء البيمارستان
عندما دخل صلاح الدين ديار مصر كان في خدمته حوالي ثمانية عشر طبيبًا من بينهم ثمانية مسلمون، وخمسة يهود، وأربعة نصارى، وسامري واحد، ومن جملة من أسهم من هؤلاء في خدمة البيمارستان الناصري موسى بن ميمون، وهبة الله ابن جميع الإسرائيلي المصري، وكان ابن جميع قد درس الطب على يد طبيب البلاط الفاطمي ابن العين زربي، كما درس الطب بدوره، وكان من تلامذته ابن أبي البيان الإسرائيلي مؤلِّف الدستور البيمارستاني المخصَّص للبيمارستان الناصري.
كما كان هناك عددٌ من الأطباء انتقلوا من دمشق إلى القاهرة وعملوا بالبيمارستان الناصري، ومن هؤلاء ابن المطران وهو نصرانيٌّ اعتنق الإسلام، فأكرمه صلاح الدين بأن طوَّر له مكتبةً خاصَّةً حوت عشرة آلاف مجلد، وممَّن هاجر -أيضًا- رضي الدين الرحبي وأصبح فيما بعد الطبيب الخاص للحاكم الأيوبي الملك العادل سيف الدين أخو صلاح الدين، وقد اصطحبه إلى مصر أثناء تفشِّي الوباء؛ حيث عالج هناك وبنجاح ابن الأمير، فكافأه بتكليفه رياسة أطباء ديار مصر والشام، وأطلق له في كل شهر ثلاثين دينارًا على أن يكون ملازمًا للقلعة والبيمارستان بالقاهرة، ثم رجع إلى دمشق، وتردَّد إلى البيمارستان النوري وعلَّم طلاب الطب هناك.
كما هاجر إلى القاهرة موفق الدين ابن أبي أصيبعة، وزميله في الدراسة ابن النفيس، وكانا يدرسان الطب معًا في المدرسة الدخواريَّة، وممَّن سافروا إلى مصر -أيضًا- ابن البيطار وعهد إليه الملك الكامل محمد بن أبي بكر رئاسة العشَّابين في سائر ديار مصر والشام، وكان إبراهيم بن الرئيس ميمون وكان في خدمة الملك الكامل، ويتردَّد إلى البيمارستان الذي بالقاهرة من القصر ويُعالج المرضى فيه، وكذلك القاضي نفيس الدين بن الزبير قرأ صناعة الطب وأتقن صناعة الكحل وعلم الجراحة، وولَّاه الملك الكامل رياسة الطب بالديار المصرية وكان يكحل في البيمارستان الناصري.
ترجمة لأشهر الأطباء الذين عملوا في هذا المارستان الصلاحي الناصري
1- رضي الدين الرحبي
هو الإمام العالم رضي الدين أبو الحجاج يوسف بن حيدرة بن الحسن الرحبي كان والده من الرحبة، وكانت صناعة الكحل أغلب عليه، كان مولده بجزيرة ابن عمر سنة 534هـ=1139م سافر إلى بغداد واشتغل بصناعة الطب، وكان وصوله إلى دمشق مع أبيه سنة 555هـ، وكان في ذلك الوقت ملكها السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، واجتمع بالملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب فحسن موقعه عنده وأطلق له في كلِّ شهرٍ ثلاثين دينارًا، ويكون ملازمًا للقلعة والبيمارستان بالقاهرة، ولمـَّا تُوفِّي صلاح الدين سنة 589هـ=1192م عاد إلى دمشق وبقي فيها إلى أن تُوفِّي سنة 631هـ=1233م، وعاش نحو المائة سنة، وكان من محاسن عادات رضي الدين أنَّه ما كان يقرب الطعام إلَّا إذا طلبته شهوته، وأنَّه كان أبدًا يتوخَّى ألَّا يصعد في سلم، وكان يصف السلم بأنَّه منشار العمر.
2- إبراهيم بن الرئيس ميمون
هو أبو المنى إبراهيم بن الرئيس موسى بن ميمون منشؤه فسطاط مصر، وكان طبيبًا مشهورًا عالمـًا بصناعة الطب وكان في خدمة الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب، ويتردَّد إلى البيمارستان الذي بالقاهرة من القصر ويُعالج المرضى فيه. قال ابن أبي أصيبعة: "واجتمعت به في سنة 631 أو 632هـ بالقاهرة، وكنت حينئذٍ أطب في المارستان، فوجدته شيخًا طويلًا نحيف الجسم لطيف الكلام، تُوفِّي سنة نيف وثلاثين وستمائة وعاش 86 سنة".
3- ابن أبي أصيبعة
موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس السعدي الخزرجي المعروف بابن أبي أصيبعة، وُلِد بدمشق وكان متقنًا لصناعة الكحل، وعمه رشيد الدين علي بن خليفة كان كحَّالًا ببيمارستان دمشق، قرأ ابن أبي أصيبعة الحكمة على رضي الدين علي بن خليفة وكان كحالًا بيمارستان دمشق، قرأ الحكمة على رضي الدين الجيلي واجتمع بالطبيب ابن البيطار بدمشق سنة 633هـ=1235م، وشاهد معه في ظاهر دمشق كثيرًا من النبات في مواضعه، وخدم الطب في البيمارستان الذي أنشأه الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بالقصر، ثم دخل في خدمة الأمير عز الدين فرخشاه صاحب صرخد، وتُوفِّي سنة 688هـ=1269م وقد جاوز السبعين.
4- الشيخ السديد ابن أبي البيان
هو سديد الدين أبو الفضائل داود بن أبي سليمان بن أبي إسرائيل بن أبي الطيب سليمان بن مبارك إسرائيل قرأ، مولده سنة 556هـ=1160م بالقاهرة، كان شيخًا خبيرًا بالأدوية المفردة والمركبة، وكان يُعالج المرضى بالبيمارستان الناصري بالقاهرة، خدم الملك العادل أبا بكر بن أيوب، وعاش فوق الثمانين.
5- القاضي نفيس الدين بن الزبير
هو القاضي نفيس الدين اسمه هبة الله بن صدقة بن عبد الله الكولمي، والكولم من بلاد الهند، وُلِدَ سنة 556هـ=1160م، قرأ صناعة الطب وأتقن صناعة الكحل وعلم الجراحة، ولَّاه الملك الكامل بن الملك العادل رياسة الطب بالديار المصرية، وكان يكحل في البيمارستان الناصري الذي كان من جملة القصر، وتُوفِّي سنة 636هـ=1238م.
__________________
المصادر والمراجع:
- ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء، تحقيق: نزار رضا، الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت، د.ت.
- القلقشندي: صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت، د.ت.
- د. أحمد عيسى: تاريخ البيمارستانات في الإسلام، الناشر: دار الرائد العربي - بيروت، الطبعة: الثانية، 1401هـ=1981م.
- عبد الوهاب مصطفى ضاهر: البيمارستان الناصري الصلاحي، شبكة الألوكة.
التعليقات
إرسال تعليقك